تجزئة الفوسفور في التربة هي عملية تحليلية تُستخدم لتحديد الأشكال الكيميائية المختلفة للفوسفور وفهم مدى توفره للنباتات. تساعد هذه العملية في تحديد الفوسفور القابل للامتصاص من قبل النباتات، والفوسفور الثابت، والفوسفور المحتمل إطلاقه بمرور الوقت. تُستخدم عدة طرق لتجزئة الفوسفور، ومن أهمها:
1. طريقة هيدلي (Hedley Fractionation)
تُعد طريقة هيدلي واحدة من أكثر الطرق استخدامًا لتجزئة الفوسفور في التربة، حيث تعتمد على الاستخلاص المتتابع باستخدام مواد استخلاصية ذات قوة متزايدة، مما يسمح بفصل الفوسفور إلى فئات مختلفة. تشمل الفئات التي يتم تحديدها في هذه الطريقة:
الفوسفور القابل للاستخلاص بالماء (Water-extractable P):يمثل الفوسفور الذائب في محلول التربة وهو الشكل الأكثر توفرًا للنباتات. يتم استخراجه باستخدام الماء المقطر أو محلول ضعيف القوة الأيونية.
الفوسفور المرتبط بالأسطح الكاتيونية أو العضوية (Resin-P or NaHCO₃-P):يتم استخراجه باستخدام راتنجات التبادل الأيوني أو محلول بيكربونات الصوديوم (NaHCO₃). يعكس الفوسفور القابل للتحلل بيولوجيًا خلال موسم النمو.
الفوسفور المرتبط بأكاسيد الحديد والألمنيوم (Fe/Al-bound P):يتم استخراجه بمحلول هيدروكسيد الصوديوم (NaOH)، حيث يكون هذا الفوسفور مرتبطًا بأكاسيد الحديد والألمنيوم في التربة الحمضية. يُعتبر فوسفورًا متوسط التوافر ويمكن أن يصبح متاحًا للنباتات مع مرور الوقت.
الفوسفور العضوي المرتبط بالمادة العضوية (Organic P):يتم استخراجه أيضًا بواسطة NaOH، ثم يُهضم بواسطة حمض الكبريتيك أو إنزيمات لتحليل المركبات العضوية المحتوية على الفوسفور. يعكس دور المادة العضوية كمصدر محتمل للفوسفور.
الفوسفور المرتبط بالكالسيوم (Ca-bound P):يتم استخراجه بواسطة حمض الهيدروكلوريك (HCl)، حيث يكون الفوسفور مرتبطًا بالكالسيوم في التربة الجيرية. هذا الفوسفور مستقر نسبيًا ولا يتوفر بسهولة للنباتات إلا في الظروف الحمضية.
الفوسفور المتبقي (Residual P):يُمثل الفوسفور غير المستخلص من خلال المراحل السابقة، ويُعتقد أنه موجود في شكل معقدات عضوية أو غير قابلة للذوبان بشدة.
أهمية طريقة هيدلي: توفر هذه الطريقة فهمًا شاملاً لديناميكيات الفوسفور في التربة، مما يساعد في تحسين إدارة الأسمدة الفوسفاتية وزيادة كفاءة استخدامها.
2. طريقة روتنبرغ (Ruttenberg Method)
تُستخدم هذه الطريقة عادة لدراسة الفوسفور في الرسوبيات البحرية، ولكنها تم تعديلها لتطبيقها في تحليل الفوسفور في التربة. تعتمد على سلسلة من عمليات الاستخلاص التي تستهدف أشكال الفوسفور المختلفة، مع التركيز على فئات الفوسفور المرتبط بالكالسيوم.
الفوسفور القابل للذوبان في الماء (Water-soluble P): يمثل الفوسفور المتاح بشكل فوري للنباتات.
الفوسفور المرتبط بالحديد والمنغنيز (Fe/Mn-bound P): يتم استخراجه بمحاليل مختزلة، ويُعتبر أحد أشكال الفوسفور القابلة للتحلل البيولوجي.
الفوسفور العضوي (Organic P): يتم استخراجه باستخدام محلول قاعدي ثم التحليل الإنزيمي أو الكيميائي.
الفوسفور المرتبط بالكالسيوم (Ca-bound P): يتم استخراجه باستخدام حمض قوي، حيث يمثل الشكل المستقر من الفوسفور في التربة الجيرية.
أهمية طريقة روتنبرغ: تُعد هذه الطريقة أكثر تفصيلاً في تحليل الفوسفور المرتبط بالكالسيوم مقارنة بطريقة هيدلي، مما يجعلها مناسبة لدراسة الترب الجيرية أو الرسوبيات البحرية.
3. بروتوكول SMT (Standard Measurement Techniques)
تم تطوير هذا البروتوكول بواسطة البرنامج الأوروبي للبحث حول الفوسفور، ويهدف إلى توحيد طرق استخلاص الفوسفور في الدراسات المقارنة. يتضمن ثلاثة إجراءات استخلاصية مستقلة تُطبق على عينات منفصلة من التربة:
الفوسفور القابل للذوبان في الماء والمستخلص بمواد معتدلة:يتم قياس الفوسفور المتاح للنباتات باستخدام محلول بيكربونات الصوديوم أو الماء المقطر.
الفوسفور القابل للاستخلاص بواسطة عوامل مخلبية (مثل EDTA أو DTPA):يتم استهداف الفوسفور المرتبط بالمعادن مثل الحديد والألمنيوم.
الفوسفور الكلي:يتم هضم العينة كيميائيًا باستخدام أحماض قوية مثل حمض الكبريتيك أو حمض النيتريك لتحديد إجمالي محتوى الفوسفور في العينة.
أهمية بروتوكول SMT: يوفر هذا البروتوكول منهجية موحدة لتحليل الفوسفور في الدراسات البيئية والزراعية، مما يسهل المقارنات بين الدراسات المختلفة.
الخلاصة
تختلف طرق تجزئة الفوسفور في التربة وفقًا للأهداف البحثية وخصائص التربة، حيث توفر طريقة هيدلي تحليلًا شاملاً لديناميكيات الفوسفور في مختلف أنواع التربة، بينما تُستخدم طريقة روتنبرغ لفهم الفوسفور المرتبط بالكالسيوم بشكل أكثر تفصيلًا. أما بروتوكول SMT، فيُعتبر معيارًا موحدًا لتحليل الفوسفور في الدراسات البيئية والزراعية.
المصادر:
Hedley, M. J., Stewart, J. W. B., & Chauhan, B. S. (1982). Changes in inorganic and organic soil phosphorus fractions induced by cultivation practices and by laboratory incubations. Soil Science Society of America Journal, 46(5), 970-976.رابط الدراسة
Ruttenberg, K. C. (1992). Development of a sequential extraction method for different forms of phosphorus in marine sediments. Limnology and Oceanography, 37(7), 1460-1482.رابط الدراسة
Ruban, V., López-Sánchez, J. F., Pardo, P., Rauret, G., Muntau, H., & Quevauviller, P. (2001). Harmonized protocol and certified reference material for the determination of extractable contents of phosphorus in freshwater sediments—a synthesis of recent works. Fresenius' Journal of Analytical Chemistry, 370(2), 224-228.رابط الدراسة
سوبر فوسفات أحادي (Single Superphosphate - SSP): يحتوي هذا السماد على حوالي 16-20% من خامس أكسيد الفوسفور (P₂O₅)، وهو مصدر سريع الامتصاص للفوسفور.
سوبر فوسفات ثلاثي (Triple Superphosphate - TSP): يتميز بتركيز أعلى من P₂O₅ يصل إلى 44-46%، مما يجعله فعالًا في توفير الفوسفور للنباتات.
فوسفات الأمونيوم الثنائي (Diammonium Phosphate - DAP): يحتوي على حوالي 18% نيتروجين و46% P₂O₅، مما يجعله مصدرًا مزدوجًا للنيتروجين والفوسفور.
توصيات الاستخدام:
اختبار التربة: قبل إضافة أي سماد فوسفاتي، يُنصح بإجراء تحليل للتربة لتحديد مستوى الفوسفور المتاح وتحديد الكميات المناسبة للإضافة.
معدلات الإضافة: تختلف معدلات الإضافة بناءً على نوع المحصول وخصوبة التربة. على سبيل المثال، قد تتطلب المحاصيل الحقلية إضافة 30-60 كجم P₂O₅/هكتار، في حين قد تحتاج المحاصيل البستانية إلى كميات أعلى تصل إلى 60-100 كجم P₂O₅/هكتار.
2. المصادر العضوية للفوسفور
السماد البلدي (الروث): يُعتبر روث الحيوانات مصدرًا طبيعيًا للفوسفور. تختلف نسبة الفوسفور فيه بناءً على نوع الحيوان ونظام تغذيته، ولكنها تتراوح عادةً بين 0.3-0.8% P₂O₅.
الكومبوست: تحلل المواد العضوية مثل بقايا النباتات يوفر فوسفورًا يمكن للنباتات امتصاصه.
توصيات الاستخدام:
تحليل المحتوى الغذائي: يُنصح بتحليل السماد العضوي لمعرفة محتواه من الفوسفور وتحديد الكميات المناسبة للإضافة.
معدلات الإضافة: قد تتراوح معدلات الإضافة بين 5-20 طن/هكتار، اعتمادًا على محتوى الفوسفور في السماد واحتياجات التربة.
3. تحسين توافر الفوسفور في التربة
ضبط درجة الحموضة (pH): يكون الفوسفور أكثر توفرًا للنباتات في التربة ذات pH يتراوح بين 6 و7.5. في حالة التربة الحمضية، يمكن إضافة الجير لرفع pH، بينما يمكن استخدام الكبريت لخفض pH في التربة القلوية.
استخدام الكائنات الحية الدقيقة المفيدة: بعض الفطريات الجذرية (مثل المايكورايزا) والبكتيريا المذيبة للفوسفور يمكن أن تزيد من توافر الفوسفور للنباتات.
ملاحظات هامة
تجنب الإفراط في التسميد: الإضافة المفرطة للفوسفور يمكن أن تؤدي إلى تثبيته في التربة، مما يقلل من توافره للنباتات وقد يسبب تلوثًا بيئيًا.
توقيت الإضافة: يُفضل إضافة الأسمدة الفوسفاتية أثناء تحضير التربة وقبل الزراعة لضمان توفر الفوسفور للنباتات منذ البداية.